مجلة التدريب
www.Moias.org
العمل الخيري من لجان إلى منظمات
العمل الخيري من لجان إلى منظمات
التدريب
أضيف بواسطة sa

اعداد: أ. طلال الخضر

حتى العمل الخيري والتطوعي له نظرياته التي تتطور، ومنظّروه الذين يبحثون في مشكلاته ويطورون من أداءه، ومباحثه الأكاديمية التي تدرّس في كثير من الجامعات العالمية. لم يعد العمل الخيري كبراءة أغلب المتطوعين فيه، بل تجاوز مرحلة العمل المؤسسي ليدخل في مصاف المنظمات الدولية والشركات الاستثمارية الكبرى.

فإذا كان الوضع الرتيب للعمل التطوعي في الوطن العربي مجرد جمع التبرعات ثم صرفها في أحد أوجه الخير، فإن الفكر الجديد للعمل الخيري يربطه بالاستثمار، وتديره عقول استثمارية وإدارية، لا مجرد متطوعين من أهل الخير والإنسانية.

يعرف المتخصصون في التمويل والاستثمار مفهوم تكلفة الفرصة البديلة الذي يعني التنازل عن مشروع ربحي مقابل مشروع آخر أكثر ربحاً. لأن رأس المال محدود، والمشاريع الربحية غير محدودة ولا يمكن الدخول فيها جميعاً، لذلك يقوم دور المستثمر على دراسة أفضل البدائل وأكثرها ربحاً وملائمة لرأس المال.

الربح في العمل الخيري هو نسبة المنفعة الخيرية مقابل مبلغ التبرع المدفوع، لا الأجر الأخروي فقط. لذلك تقوم مؤسسة خيرية رائدة في الكويت كجمعية الرحمة العالمية بصرف ٤٥ ألف دولار فقط لأجل دراسة جدوى مشروع تعليمي في تنزانيا، تقيّم فيها الحالة الإنسانية فيها لتصل أن البلد يحتاج أمرين، صحة وتعليم، وثم فرصة القيام بمشاريع في هذين المجالين جيدة ومتاحة. فتعمل الجمعية وفق هذه الدراسة وتركز جهودها فيه هذين المجالين ولا تصرف فلساً واحداً في غيرهما. تقدم مستوى هذا المؤسسات لتصل إلى مرحلة امتلاك شركات مقاولات لتنفيذ بناء منشئاتها التعليمية والصحية إضافة إلى منافسة شركات أخرى في تنفيذ مشاريع في الدول التي تعمل فيها.

البعد الآخر لتطور فكر العمل الخيري هو تحويل المشاريع الخيرية إلى مشاريع استثمارية. العاملون في القطاع الخيري يدركون كم تستنزف بعض المشاريع من أموال تشغيلية فوق تكلفتها الأولية. وهنا تقوم العقليات الخيرية الجديدة بمشاريع خيرية تغطي تكاليفها والتشغيلية إن لم تكن تخرج أرباحاً تغذّي مشاريع خيرية أخرى. من مشاريع جمعية الرحمة العالمية التي زرتها في تنزانيا في رحلتي الأخيرة مدرسة للأيتام بجانبها مزرعة يعمل فيها الطلبة بعد دوامهم الدراسي، يأخذون منها أجورهم، وتعود باقي الأرباح للمدرسة. مدرسة أخرى كان بجانبها مجمّع حرفي من نجارة وحدادة وغيرها يعمل فيها الطلبة الأيتام ويتخرجون وقد أتقنوا فنونا وصناعات، يقف اليتيم بعدها على قدميه ثم يساعد غيره. وتتجاوز هذه المؤسسة خيرية ذلك لتملك اليوم مشاريع ربحية بحتة من مدارس ومستشفيات وعقارات ومزارع وأسهم.

لم تعد لِجاناً، إنها شركات، يعمل فيها موظفون يستلمون رواتب مجزية لا مجرد متطوعين، ولديها إدارات استثمارية وإعلامية وعلاقات عامة وتدريب ومراكز دراسات، ولها علاقاتها الدبلوماسية العالية مع القادة والمسؤولين في الدول المستهدفة بالعمل الخيري. هذا التطور في المفهوم ليس مقصوراً على العمل الإغاثي فقط، بل يشمل كافة الأعمال التطوعية.

 

المشاهدات 1323   تاريخ الإضافة 2023/04/09   آخر تحديث 2024/11/10 - 05:15   رقم المحتوى 715
أضف تقييم
أخبار مشابهة
تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 586 الشهر 16694 الكلي 1164936
الوقت الآن
الأحد 2024/11/10 توقيت الكويت
تصميم وتطوير